بقلم مير مسعود حسينيان
سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتونس
“ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ” صدق الله العلي العظيم
شهر ربيع الأول سمي بالربيع لأنه شهر الفرح والسرور، ومن أهم أسباب الفرح فيه، ولادة الرسول الأعظم صلوات الله عليه في هذا الشهر.
رسول الحب و العشق … رسول الكرامة والإنسانية … الرسول الذي أرسله الله رحمة للعالمين … الرسول الذي عزيز عليه ماعنتم، بالمؤمنين رؤوف رحيم … الرسول الذي هو النذير للكافرين والبشير للمؤمنين.
نبارك هذه المناسبة العظيمة المباركة على البشرية جمعاء لأنه رحمة للعالمين ونهنئ الأمة الإسلامية عامة وتونس شعبا وحكومة خاصة.
***
ولد المصطفى عليه الصلاة والسلام في عام الفيل في مكة من أم حنون آمنة بنت وهب وأب عطوف عبدالله بن عبدالمطلب إذ توفي قبل ولادته وربي محمد في أحضان أمه وجده.
وقعت وقت ولادته عدة وقائع غريبة مثل اخماد نار كانت مشتعلة في معبد في ايران منذ قرون وانكسار ايوان كسرى وجفاف بحيرة ري.
كان عليه الصلاة والسلام قد عرف منذ صغره بالأدب والأخلاق والأمانة حتى سمي بمحمدٍ الأمين وكان يفكر كثيرا في خلق السماوات والأرض والنجوم.
كان محمد عليه الصلاة والسلام في السادسة من عمره عندما توفيت أمه آمنة وبعد مدة قصيرة جده عبدالمطلب وكفلّه عمه ابوطالب.
كانت حياة الرسول مليئة بالاحداث المختلفة؛ من بعثته في الأربعين من عمره حتى الهجرة الاولى للمسلمين إلى حبشة والهجرة الثانية إلى المدينة والغزوات والحروب مع الكفار واليهود حتى فتح مكة واطلاق أهل مكة بقوله: “اذهبوا فانتم الطلقاء” وابلاغ رسالات الله وتبيين كتاب الله للناس حتى وفاته عليه الصلاة والسلام في ٢٨ من صفر عام١١ هجري.
ومن أهم المواضيع في حياة رسول الله الذي يهمنا في هذا المقال هو التآخي بين المؤمنين بعد دخولهم في المدينة وتأكيده على وحدة المسلمين ووصيته بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.
الوحدة الإسلامية
الوحدة الإسلامية من الآمال والأماني التي يحلم بها كل مسلم تهمه أمور المسلمين فهي الوسيلة الاقوى لمواجهة المخاطر الكبرى. هذه ما ذكرها الله تعالى في محكم كتابه ومبرم آياته في قوله” كأنهم بنيان مرصوص” وأسسها النبي عليه الصلاة والسلام بين المهاجرين والأنصار بعد ان هاجر إلى المدينة.
***
بقيام الثورة الإسلامية في إيران بزعامة الإمام الخميني الراحل، حدث زلزال كبير في السياسات الاستعمارية لأمريكا وحلفائها في المنطقة والعالم بأكمله وأحبط هذه الثورة كثيرا من المؤامرات في العالم الإسلامي وأهمها مؤامرة الانشقاق في الأمة الإسلامية والتفرقة بين المذاهب الإسلامية على أساس قاعدة ” فرّق تسد” لان السيطرة على أمة ممزقة في غاية السهولة وهذه ما يريدها الاستكبار والصهيونية العالمية.
الوحدة الإسلامية مفهوم مستمد من آيات القرآن الكريم والروايات النبوية منها: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” والآية الكريمة: ” إنما المؤمنون إخوة” والآية الكريمة: ” وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”
وعلى هذا الأساس وتأكيدات النبوية الشريفة على وحدة المسلمين وأهميتها ووجوب التآخي بينهم، أكد الإمام الخميني على أهمية الوحدة وأعلن من١٢ ربيع الاول إلى ١٧ ربيع الاول بعنوان “أسبوع الوحدة” إذ يوم الـ ١٢ من ربيع الأول هو المولد النبوي في اعتقاد مؤرخي أهل السنة بينما سجل مؤرخو الشيعة يوم ١٧ من ربيع الأول كالمولد النبوي، فانتهز الإمام الخميني هذه الفرصة وبدّل الخلاف إلى الوحدة وسماها بأسبوع الوحدة الإسلامية كفرصة ثمينة للوحدة بين المسلمين.
***
نحن بحاجة إلى هذه الوحدة المباركة في كل الأزمنة خاصة في هذا الزمان الذي يهدف العدو فيه إلى هدم الإسلام بأكمله عن مختلف الطرق منها افتعال انحراف في العقيدة الإسلامية كداعش أو عن طريق بث التفرقة والتشدد بين المسلمين السنة والشيعة في عدة من الدول الإسلامية وحتى عن طريق قتل المسلمين وتشريدهم وتهجيرهم وهدم بيوتهم ومساكنهم كما يفعل العدو الصهيوني بفلسطين وغزة خلال حوالي ٧٠سنة وخاصة خلال العام الجاري بقتل أكثر من ٤٠ الف شهيد وأكثر من ١٠٠ الف جريح.
كان هدف الصهيونية وداعميها وناصريها عبر التاريخ محو وهدم الإسلام بما فيه السنة والشيعة وسائر اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فعلى المسلمين كافة أن يكونوا يدا واحدة وقبضة واحدة في مواجهة العدو ومؤامراته.
***
نبارك مجددا لكم هذا المولدالمبارك وهذه الوحدة المباركة، ونعاهد مع رسول الله وأهل بيته وخيرة أصحابه أن نكون محبين بعضنا مع بعض ونعتصم بحبل الله المتين ونسير في طريق اعلاء الإسلام العظيم.