أعلن مصنع تونسي متخصص في صناعة الدراجات النارية عن قرب عرضه في الأسواق سيارة صغيرة الحجم من إنتاجه مقتبسة من نماذج أجنبية، وتعمل بالطاقة الكهربائية، وقد اختار لها اسم “باكو”. وتتسع هذه السيارة الصغيرة لثلاثة ركاب، وهي صالحة للتنقل داخل المدن في ظل الاكتظاظ المروري الذي تعانيه بعض المدن التونسية على غرار تونس الكبرى وصفاقس ومنطقة الساحل.
نجاح سابق… ومشكلة في الثمن!
وسبق لتونس أن أنتجت سيارتها الخاصة “واليسكار” التي لقيت نجاحاً في تونس وفي بعض بلدان أميركا اللاتينية وشرق أوروبا، وكانت أول سيارة عربية وأفريقية تسجل بالسجل العالمي للسيارات وبجنسية بلد عربي وأفريقي. وتبقى مشكلة هذه السيارة في ثمنها المرتفع نسبياً بسبب ارتفاع الأداء على القيمة المضافة المفروض من الدولة التونسية على سيارتها الوطنية وهو 19 في المئة، مقارنة بـ8 في المئة فقط للسيارات المستوردة من الخارج، وهو ما يبرز مدى نفوذ لوبيات استيراد السيارات التي تسعى لإزاحة الصناعة المحلية.
وقد تعددت الآراء في تونس بشأن سيارة “باكو” الصغيرة الحجم العاملة بالطاقتين الشمسية والكهربائية، بين مرحب بتصنيع هذا الصنف من العربات الصغيرة في تونس في مرحلة أولى ثم تطويرها لاحقاً، ومنتقد لفكرة أنه قد يسمح بقيادتها لمن ليس حاصلاً على رخصة قيادة. وثمة من سخر من هذه السيارة وتهجم على الشركة المصنعة معتبراً أن هذه العربة لها مثيل في بلدان عدة وبخاصة الصين، وهي تباع هناك بثمن بخس فيما ثمنها مرتفع نسبياً في تونس.
صديقة للبيئة
وفي هذا الإطار ترى الطالبة في الجامعة التونسية في اختصاص الهندسة الميكانيكية ليلى السالمي، في حديث إلى “النهار العربي”، أن “من الجيد أن يتطور قطاع صناعة السيارات في تونس بهذا المولود الجديد. كما أن من الجيد، أن نصنع في تونس سيارة صديقة للبيئة، لا تلوث الهواء وتعمل بالطاقات البديلة وبالإمكان أن تُقضى بها الحوائج، وذلك في ظل تدهور وسائل النقل العمومي وغياب سيارات التاكسي في أوقات الذروة”.
وتضيف السالمي أن “هذه العربة الصغيرة القادرة على السير لـ70 كيلومتراً بعد كل عملية شحن لبطاريتها ستحل عدداً من المشكلات، فهي دراجة نارية مغطاة، وبالتالي جمعت بين سهولة تنقل الدراجات النارية والحماية من العوامل المناخية التي توفرها السيارات. كما ستمكن هذه العربة صاحبها من قضاء شؤونه في أسرع وقت ممكن، بخاصة في أوقات الاختناق المروري نظراً إلى صغر حجمها وإمكان مرورها في المساحات الضيقة والأزقة الصغيرة التي يصعب أن تمر بين ثناياها السيارات العادية، بخاصة وسط المدن العتيقة التي بنيت على الطراز العربي والإسلامي”.
ولعل الأهم أن هذه العربة التي يمكن تطويرها من كل الجوانب، ستحد من التلوث باعتبارها لا تعتمد الوقود الأحفوري. كما ستساهم في ولوج التونسيين إلى عصر الطاقات البديلة وستشجع مصنعي السيارات الآخرين على غرار واليسكار إلى المسارعة بإنتاج السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية والطاقة الشمسية. وتقول السالمي إن تونس “ليست وحدها من تصنع هذا النوع من السيارات، فقد سبقتها الصين ودول عديدة، ومن الجيد أن تقتحم تونس مجال التصنيع في مجال العربات العاملة بالطاقات البديلة لتواكب التحولات العالمية”.
ازدياد الحوادث
في المقابل، يرى نبيل بالمقدم، وهو سائق سيارة أجرة تاكسي، أن سيارة “باكو” الصغيرة، والتي هي تقليد لسيارة صينية، “ستزيد من الاكتظاظ المروري في تونس ولن تحل الإشكال كما يعتقد البعض. كما أن قيادة هذه السيارة من دون رخصة مثلما يروّج أمر خطير وقد يتسبب في ازدياد حوادث السير في بلد يعاني ارتفاعاً في نسبة الحوادث المسجلة سنوياً”.
ويضيف بالمقدم أن “قيادة هذه السيارة يجب أن تتم بعد الحصول على رخصة قيادة تمكن السائق من التعود على قيادة العربات وتعرفه بقانون الطرق الذي يجب أن يعرفه كل سائق. لا أعرف كيف سمح البعض لأنفسهم بالحديث عن إمكان قيادة سيارة باكو الصغيرة من دون رخصة صادرة عن الجهات الرسمية، حقاً إنه لأمر عجيب ومثير للاستغراب والدهشة”.
صحيح أن هذه السيارة ستمكن المهندسين والتقنيين التونسيين من تعلم تقنيات تكنولوجيا الطاقات البديلة، وذلك لتطوير الصناعة الوطنية في المستقبل، وستمكن المواطنين من سبر أغوار هذه التكنولوجيا الجديدة، إلا أن الأسعار المتحدث عنها تبدو مرتفعة. فثمة دول سبقت تونس في صناعة هذا النوع من السيارات الصغيرة العاملة بالطاقة النظيفة، لكنها اعتمدت أسعاراً معقولة لهذه السيارات والتي لا تقارن بالسعر الذي قدمه صانع سيارات “باكو” التونسية.
نقلا عن صحيفة النهار العربي